التغيير في التعليم لا يحتاج إلا لكرة بلاستيكية صغيرة فقط!
قصة التغيير : حدثت مع أحد المعلمين: في أجواء مشحونة بالملل لدى بعض الطلبة، وحتى لدى بعض المعلمين داخل غرفة الصف، تصبح الحصة السادسة كابوساً. فكيف يمكن أن نكسر حاجز الملل لدى طلبتنا؟ السؤال الذي يحير الكثير من المربين، وأنا كنت واحداً من هؤلاء الناس الذين احتاروا في هذا الأمر. ومن واقع التجربة التي عايشتها والتي أعرضها عليكم وقد لا أصيبكم إلا بالملل، لكن هذا ما حدث معي وجعلني أقتنع بأن هنالك وسائل متعددة للقضاء على حالة الملل التي يصاب بها الطلبة في الحصة السادسة.
والطريف في ذلك أنها كانت فكرة مفاجئة قبل دخولي إلى غرفة الصف، حيث كان لدي حصة على الصف السادس، وكانت حصة قراءة ومناقشة وتحليل، وقد أحضرت معي كرة بلاستيكية صغيرة الحجم، كنت قد أخذتها من طالب كان يلعب بها بطريقة عنيفة، فأخذتها منه كنوع من العقاب له، ذلك العقاب الذي تحول إلى تحدٍ لي عند دخولي إلى الصف الآخر لإعطائه الحصة السادسة، حيث لاحظت أثناء دخولي غرفة الصف، أن الطلبة ينظرون إلى ما أحمله بيدي، وقد قرأت في أعين الكثيرين منهم العديد من التساؤلات، ما الذي يريده المعلم من هذه الكرة؟ وهل من المعقول أننا سنلعب داخل غرفة الصف؟ انشغل الطلبة لبرهة قصيرة بالتفكير، وفي فترة تفكيرهم، قلت لا بد من توظيف ما للكرة، فقلت لهم أن يغيروا جلستهم بحيث يشكلون حلقة نصف دائرية، وقلت لهم: سنلعب لعبة "الكرة الدوّارة"، مستخدمين فيها كتبنا للقراءة، وذلك من خلال قيامي بقراءة الدرس، وعند انتهائي من الفقرة المقروءة سألقي بالكرة إلى أحدكم، وعليه أن يكمل القراءة عني، وفي هذه الأثناء، رأيت الطلبة قد اهتموا بالأمر وكان كل واحد منهم يتابع قراءتي بحرص بالغ، وقد عمل الطلبة على القيام بتنفيذ هذه اللعبة، وتبادل القراءة فيما بينهم بإلقاء الكرة لبعضهم بعضاً، وقد بدت على وجوه الكثيرين منهم السعادة لدرجة أنهم لا يريدون الانصراف لمنازلهم بعد أن دق الجرس معلناً نهاية الحصة. إن الأثر الذي تركته هذه اللعبة في نفوس طلابي كان كبيراً جداً، حتى أن بعض الطلبة غير المكترثين انجذبوا بشكل كبير، وأبدوا مشاركة فعالة.
ومن هذه التجربة التي جاءت بالمصادفة ودون تخطيط مسبّق، علمت أنّ هنالك عنصراً مهمّاً يجب أن يتمّ توفيره لكسر حاجز الملل لدى طلبتنا، ألا وهو إدماج اللعب في بعض الحصص، والابتعاد عن الجمود في إعطاء الدروس، وبكون اللعب الأداة التي من خلالها نستطيع أن نصل إلى الغايات المنشودة من غير علم الطلبة، وبالتالي فإن تحقيق الأهداف يكون سهلاً للمعلم. وليس خطأ على الإنسان أن يجرّب، ولكن الخطأ أن يبقى الإنسان في حالة الجمود واليأس وعدم الأمل.
فالمعلم الناجح هو المعلم الذي يستطيع أن يوجد من بيئة الجمود واليأس جواً مريحاً يتقبّل به الطلبة المعلومة بكل راحة وسعادة، وعلى المعلم في هذه الحالة أن يضع هدفاً نصب عينيه، ويبقى يسعى دائماً للوصول لهذا الهدف المنشود بأيةِ طريقةٍ كانت.
مع تحياتي : فراشة لبابة