الإشراف التربوي - جرش

اهلا وسهلا بك ضيفا على منتدى الاشراف التربوي جرش

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإشراف التربوي - جرش

اهلا وسهلا بك ضيفا على منتدى الاشراف التربوي جرش

الإشراف التربوي - جرش

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإشراف التربوي - جرش

تربية، تعلم وتعليم، حداثة، تطلعات، نقد بناء، قصص نجاح، علم وإيمان.

اهلا بكم اعضاء فاعلين في منتدى الاشراف التربوي مشاركتكم مهمة وتزيد من فعالية المحتوى
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا
كل عام وكل المعلمين بالف خير كل الحب والوفاء لكل مرب في بلدي بمناسبة بدء العطاء بمناسبة العام الدراسي الجديد

    التفسير النفسي للعملية الابتكارية

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 107
    تاريخ التسجيل : 25/02/2010
    العمر : 65

    التفسير النفسي للعملية الابتكارية Empty التفسير النفسي للعملية الابتكارية

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين مارس 29, 2010 8:52 am

    التفسير النفسي للعملية الابتكارية
    ________________________________________
    اختلف الباحثون فيما إذا كان الابتكار قدرة عقلية أم عملية نفسية تخضع لمعطيات مزاجية معينة ومن هؤلاء الباحثين الذين فسروا الابتكار على أنه عملية نفسية يذكر ج. والاس G. Wallas الذي حدد هذه العملية النفسية بأربع مراحل متتالية مترابطة بحيث أن وجود المرحلة الواحدة ضروري للمرحلة اللاحقة ولا تتم العملية الإبتكارية إلا إذا مرت بتلك المراحل وهي على النحو التالي:

    1- مرحلة الإعداد:
    بما أن الابتكار لا يأتي من عدم فإن المبتكر يلجأ إلى الواقع بشقيه المادي والمعنوي. ففي ميدان العلم والتكنولوجيا يرجع المبتكر إلى مختلف النظريات والدراسات فيجمع منها ما يكون لديه فكرة أولية ينطلق منها ولا يمكننا هنا تحديد قواعد معينة للقيام بهذه المرحلة لأنها تختلف من موقف لآخر وما يقال عن ميدان العلوم والتكنولوجيا يمكن تعميمه على ميادين أخرى كالفن والأدب وغيرها من ميادين النشاط الإنساني وباختصار فإنه كما يؤكد محمود البصيوني (1964) «... يقصد بالتحضير كل ما يقوم به الفنان من دراسات ورسوم تمهيدية واستطلاع وملاحظة وقراءة وزيارات وفحص للطبيعـة والتسجيل الأولي بمختلـف وسائله للوصول إلى تحديد معالم البناء الذي سيتجه إلى تشييده إن التحضير ما هو إلا خطوة بحث...»(1) .

    وبناء على ذلك فإن هذه المرحلة تعتبر من أهم المراحل الحاسمة في العملية الإبتكارية بحيث يتم فيها تحديد المشكلة التي يبحثها المبتكر وتحديد أبعادها وعواملها وجمع المعلومات التي تساعد على حلها ويمكننا تلخيص أهم وظائف هذه المرحلة كما يلي:
    أ- بلورت الشروط الأولية وتكوين الاتجاه العام للابتكار.
    ب- تحديد مركز الاهتمام أو الاتجاه.
    جـ- الاستعداد لجمع الخبرات والمعلومات المناسبة لمركز الاهتمام.
    د- العمل على بناء دليل كاف لإثبات الفكرة (2).

    وهذه المرحلة شبيهة إلى حد ما بخطوة تحديد المشكلة وجمع المعلومات المناسبة لحلها وفي هذا يؤكد ر.كرتشفيلد R. Kretchfild (1971) عن أهمية مرحلة الإعداد ويذكر أن هذه الأهمية تتضح عندما نعلم أن الفشل في إدراك المشكلات إدراكا سليما وفي تحديدها تحديدا دقيقا يعد من أهـم العقبات التي تحول دون التفكير الإبداعي الذي يؤدي إلى حلول سليمة. ويذكر عبد الحليم محمود السيد (1971) أن ما يؤيد ملاحظات كرتشفيلد هذه ما وجده كل من ج.ج. بلات و م.ي شتاين(1971) في بحث تجريبي آخر تبين فيه أن الباحثين ذوي الإبداع المرتفع –على الإبداع الأقل- يخصصون جزءا كبيرا من الوقت الكلي في الموقف التجريبي ع** ذوي الأقل إبداعا لحل المشكلات للمرحلة الأولى أي لمرحلة تحليل المشكلة وفهم عناصرها قبل الشروع في محاولة الحل» (3).

    وبهذا نستطيع أن نقول أن البحث التجريبي قد أعطى أهمية لهذه المرحلة وأظهر أن ذوي القدرة على التفكير الإبتكاري المرتفع هم أكثر اهتماما بهذه المرحلة من ذوي التفكير الإبتكاري المنخفض (4).

    2- مرحلة الكمون (الحضانة):
    بعد مرحلة الإعداد تأتي مباشرة مرحلة الكمون كمرحلة لاحقة وهي مرحلة تتم فيها عملية محاكمة الوقائع المجمعة من قبل المبتكر حيث تختمر المعلومات والوقائع المختلفة في ذهنه حيث يبذل المبتكر جهدا عقليا ونفسيا معتبرا لمواجهة الموقف الذي يعالجه. وقد يتعرض المبتكر إلى عقبات وإحباطات تجعله يعاني من توترات نفسية تبعده عن حل الأشكال وقد تطول هذه المدة أو تقصر وفي بعض الأحيان يكون الحل سريعا ودون أية صعوبة نفسية.

    يرى بعض المفكرين أمثال ج.ب. جيلفود J.P.Guilford (1971) أن مرحلة الكمون هذه لا يمكن أن تزودنا بمعلومات يقينية عما يحدث من عمليات عقلية ويرى جيلفود أن «الاعتقاد بأن الاختمار يجري في منطقة من الذهن يطلق عليها اللاشعور لا يحل الأشكال بل هو فقط يلقي بالمشكلة بعيدا عن البصر وعندئذ يشعر الباحث أنه قد أعفى نفسه من تعقبها.» (5)

    ومعنى ذلك أن الرأي الذي يسند المشكلة إلى اللاشعور هو رأي يمثل هروبا منظما من المشكلة فعوض أن يقدم حلا لها يزيدها تعقيدا لهذا فإن جيلفورد يؤكد على العمليات العقلية وضرورة تقسيها لأن المسؤولية تعود إليها وليس إلى اللاشعور الذي نعجز عن دراسته إجرائيا.

    ويرى ر.س. وودورث R.S.Wood Worth(1971) في هذا الصدد أن: «مفهوم الاختمار يتضمن نظرية يؤثر عدم قبولها إذ أن الإشراق أو انبثاق الحل الماهر بعد تعذره إنما يحدث -فيما يعتقد- نتيجة لترك المشكلة جانبا وإعطاء الذهن فرصة ليستريح بعد تشبعه بالموضوع تشبعا كاملا مما يعطي للذهن فرصة للتخلص من مجرى التفكير الخاطئ واتجاهه» (6)

    يبدو لنا هنا أن رأي ر.س. وودورث(1964) لا يقدم حلا جذريا للمشكلة بل هو يزيدها تعقيدا لأن ترك المشكلة جانبا ثم العودة إليها لا يختلف كثيرا عن إلقاء المسألة في منطقة اللاشعور ثم أن الاعتقاد بالابتعاد عن التفكير الخاطئ واتجاهه ماهو إلا خطوة لا تعدو أن تكون جزءا من مرحلة الأعداد. ويمكن القول هنا أن «ر.س وودورث» متأثر بنظرية المحاولة والخطأ للعلامة الأمريكي «إ.لي.ثورندايك» التى كانت سائدة في ذلك الوقت.

    والحقيقة أن الفرد لا يتوقف عن حل المشكل تماما وإنما قد يتفرغ لفحص ما لديه من خبرات أو العودة إلى الخبرة الشخصية كما يسميها «ش.سبيرمان» حيث إن الشخص يندمج بكليته في الخبرات والمعلومات المخزنة في ذهنه ومعنى ذلك كله أن الفرد لا يتوقف عن النشاط الذهني وإنما ينتقل من كيفية إلى كيفية أخرى إلى أن يستقر على حل معين.

    3- مرحلة الإشراق:
    بعد مرحلة الكمون أو الحضانة تتأتي مرحلة تالية لها وهي مرحلة الإشراق التي يأتي الحل فيها فجأة ودون سابق إنذار عن طريق الحدس. يؤكد حيثيات هذه المرحلة محمود البسيوني (1964) بشيء من التفصيل في قوله إذ يدرك المبتكر روابط الحل وعلاقات عوامل المشكلة «... وتنتهي الحضانة عادة بأن الشخص يحس فجأة بشرارة تحل له المعضلة التي يقابلها وتجعله يدرك العلاقات المختلفة ويعثر على الروابط المفقودة وقد تحدث فترة الإلهام فجأة وبدون سابق إنذار وفي أثناء حالات يكون الإنسان فيها غارقا في نشاط مختلف كل الاختلاف عن طبيعة العملية الإبتكارية التي هو بصددها كأن يكون في دورة المياه أو نائما أو في دار للعرض أو راكبا إحدى وسائل المواصلات أو يتحدث مع صديق في خلوة. وترتبط خطوة الإلهام بنظرية الجاشتلت فيما سموه حل المشكلة دفعة واحدة عن طريق البصيرة أو الإلهام وقد أجريت تجارب عديدة في نظرية الجلتتالت تدعم فكرة الإلهام وظهور الحلول فجأة بدون مقدمات طويلة..» (7)

    نستنتج من ذلك كله أن الخطوة الثالثة تمثل المرحلة الحاسمة في العملية الإبتكارية لأنها تجعل المبتكر ملهما بالحل السريع والمفاجئ الذي هو شبيه بالومضة أو الحدس إذ تأتي هذه الومضة أو هذا الحدس هكذا فجأة قد يكون فيها المبتكر بعيدا كل البعد عن الموضوع الحقيقي بل قد يكون مشتغلا بنشاط آخر لا يمت بصلة للمشكلة.

    وهنا يثار سؤال مهم وهو هل أن قيام الشخص المبتكر بنشاط مغاير للمشكلة يعني أنه قد تخلى ذهنيا عنها ؟

    إننا قد ننتقل من مكان إلى آخر ومن موضوع إلى موضوع ومع ذلك فإن تفكيرنا يبقى مشدودا إلى الموضوع الأساسي وصحيح أن العقل لا يستطيع الاشتغال بموضوعين في نفس الوقت ولكن يمكن أن يشتغل الذهن عرضيا بأنشطة أخرى غير أنه يبقى يتحين الفرص ليعود باستمرار إلى مركز الاهتمام وباختصار فإن هذه المرحلة تعتبر أساسية بالنسبة للتقسيم المرحلي الـذي جــــاء به «جـرهام والاس G. Wallas».(1972).

    4- مرحلة التحقيق:تعتبر مرحلة الإشراق السابق ذكرها من أهم المراحل إذ يتبلور فيها الحل المفاجئ غير أن العملية الإبتكارية لا تتوقف عند حد الإستيصار الذي من خلاله نصل إلى حل الأشكال وإنما هناك مرحلة أخرى أهم وهي مرحلة تحقيق الحل وتندرج ضمن عملية التقويم.

    ويطرح هنا سؤال مهم وهو هل أن مرحلة التحقيق هذه عملية نفسية أم أنها قدرة عقلية تندرج ضمن القدرات التقويمية إلى توصل إليها ج.ب. جيلفورد J.P. Guillford ومعاونوه ؟

    إن مرحلة التحقيق تتضمن عملا إجرائيا حيث يعمل المبتكر على إحكام الروابط بين العلاقات بالإضافة أحيانا و الحذف أحيانا أخرى بمعنى أنها «… تتضمن الاختبار التجريبي للفكرة المبتكرة»(Cool.

    وينتج عن اختبار الفكرة المبتكرة الاحتفاظ بالعلاقات الصحيحة والداخلة فعلا في الفكرة المبتكرة. والتخلي عن العلاقات غير الداخلة فيها وبعبارة أخرى هي عملية غربلة للأفكار والعلاقات والروابط المختلفة قصد تهذيب الفكرة المبتكرة ليحقق المبتكر الارتياح النفسي الذي يتوقف على الاقتناع وتحقيق الذات.

    «... وتتم عملية التهذيب على أساس إبعاد العلاقات غير الأساسية وتأكيد الأساسية منها...» (9) ولكن كيف تتم محاكمة تلك الأفكار والحكم عليها أولها وكيف تتم عملية فرزها ؟ هذه أسئلة لا يجيب عنها «ج.والاس»(1964) بل يكتفي بوصفها فقط على أنها مرحلة نهائية للعملية الإبتكارية يتحقق فيها الحل الأمثل الذي يصل إليه المبتكر.

    ويرى «ج. والاس» (10) أنه على الرغم من تمايز هذه المراحل الأربعة فإنها تبقى مرتبطة بوجود مشكلة تثير الفرد و تدفعه للبحث عن حلول لها ومعنى ذلك أن العملية الإبتكارية ذات علاقة بالدافعية. وقد تعرضت وجهة نظر «ج. والاس» هذه لانتقادات متعددة من طرف عدد من الباحثين ومن بين هـؤلاء «ر.أ. هاريس R.A. Harris»(1959) (11) الذي يــرى أن العملية الابتكـارية التي وضعها «ج. والاس» لا تعبر عن حقيقة العملية الإبتكارية من الوجهة السيكولوجية وإن كانت تبدو منطقية من الناحية التنظيمية وتسلسل خطواتها ومع ذلك فإن عدد الخطوات وتفسيرها يبقى ناقصا لذلك نجده يحدد خطوات أو مراحل العملية الإبتكارية على النحو التالي:

    «أ- الشعور بالحاجة.
    ب- جمع المعلومات.
    جـ- النشاط الفكري لمعالجة المعلومات.
    د- تخيل الحلول.
    هـ- التحقيق.
    و- تطبيق الحل» (12)

    يضيف «ر.أ.هاريس R.A.Harris» مرحلتين على مراحل «ج. والاس G.Wallas» ويعتقد هاريس أن أغلب هذه المراحل يمر بها جميع الناس في تفكيرهم غير أن المبتكرين يختلفون عن العامة من الناس في سرعة الانتقال من الخطوة «أ» إلى الخطوة «د» ومعنى ذلك أن العاديين من الناس يمرون بجميع المراحل بينما المبتكرين فيختصرون تلك الخطوات.

    وقد أنكر البعض من المفكرين تماما وجود خطوات منظمة للعملية الإبتكارية ومن هؤلاء «فو** Fox» الذي لا يعترف مطلقا «بوجود أي خطوات لعملية الخلق أو الإبداع وما تلك الخطوات إلا تعبيرا فقط عما يحدث قبل وبعد لحظة الخلق فإذا رجعنا إلى الخطوات التي اقترحها «والاس» نجد الخطوتين أ،ب أي الأعداد والكمون تعتبران خطوتان مبدئيتان لا تدخلان أصلا في الابتكار ذاته ذلك إن التجميع والتمثيل والامتصاص لأي نوع من الملعومات يحدث يوميا في العمل الروتيني لآلاف لا تحصى من الناس الذين دون أن تتاح لهم أي فكرة مبتكرة. أما الخطوة «د» أي «التحقيق» فهي بالضرورة يجب أن تعقب حقيقة الخلق أو الابتكار ولكن ليس لها دور بالمرة في الخلق ذاته» (13) وهكذا فإن «فو** Fox» يرفض التقسيم المرحلي للعملية الإبتكارية وينظر لها نظرة كلية وظيفية متداخلة.

    ويؤكد «ب. جيزيلين B.Ghiselin»(1971) هذه الوجهة من النظر ويرى أن تناول عملية الابتكار على أساس مجموعة من المراحل المتتابعة هو أسلوب مفتعل يزيد المشكلة تعقيدا أكثر مما يساعد على حلها وتقصى أبعادها ويرى جيزلين أنه ينبغي النظر إلى القدرة على التفكير الإبتكاري كفعل واحد يمارسه الإنسان بكل مكونات شخصيته الجسمية والعقلية والمزاجية(14).

    ورغم كل الانتقادات التي وجهت إلى التقسيم المرحلي المتتابع الذي جاء به جرهام والاس و ر.أ.هاريس تبقى ذات قيمة من حيث التسلسل المنطقي على الأقل. أما كيف تحدث تلك العمليات ومتى فذلك أمر مازال يكتنفه الغموض ومن الصعب أن نخرج منها بفروض قابلة للاختبار التجريبي.



    خلاصة:يتضح مما سبق أن التفسيرات المتعددة للقدرة على التفكير الإبتكاري قد اختلفت من باحث إلى آخر ومن اتجاه إلى اتجاه حيث إن كل باحث ينظر إلى ظاهرة الابتكار نظرة تتفق مع منهجه ومنحاه الإبستيمولوجي.

    قد رأينا في هذا الصدد أصحاب التحليل النفسي وكيف يتعاملون مع ظاهرة الابتكار وكيف أرجعوها إلى إعلاء محتويات اللاشعور والصراعات الأوديبية التي تتحول إلى أعمال مقبولة اجتماعيا.

    وهنا يثار سؤال حول كيف يتحول اللاشعور بصراعاته إلى أعمال إبتكارية وكيف يمكن توجيه طاقات "اللبيدو" إلى أعمال علمية وما علاقة هذا كله باكتشاف قانون الجاذبية ؟.

    يقرر فرويد بأن الفنان المبتكر ذو شخصية أنطوائية وهو قريب من العصابي لأنه مدفوع بغرائزه التي تبعده عن الواقع أكثر مما تقربه منه وهذا على خلاف بعض أتباعه حيث يذهب «شناير»(1977) «… في نهاية دراسته إلى القول بأن الفنان المبتكر لديه «أنا» من القوة والقدرة بحيث تستطيع أن تواجه المواقف الانفعالية القاسية وأن تخضع «الهي» وتعطي لمحتوياتها الشكل الفني وكلما ازدادت قوة الأنا ازداد إنتاج الفنان»(15).

    وبذلك يظهر التناقض الصريح لدى أصحاب التحليل النفسي وهو حجة عليهم وليس لهم بديل وحتى وإن لم يقولوا ذلك صراحة فإن منهجهم يقولهم ذلك حيث نجدهم مرة يرون أن المبتكر شخص يغلب عليه الانقياد لغرائزه وهو شخص أنطوائي قريب من العصابية ومرة أخرى يقولون ع** تماما حيث يرون أن المبتكر هو شخص يتميز بقوة الأنا وبالتالي فهو قادر على التحكم في غرائزه وتوجيهها وجهة يقبلها الواقع الاجتماعي.

    أما بالنسبة للحدس فإنه يبقى مجرد تصور فلسفي مرتكز على المنهج الإستبطاني وهو بعيد كل البعد عن التحقيق التجريبي لأنه لا يوضح لنا كيف تتم تلك الهزة الانفعالية الكبرى والعميقة التي هي أساس العملية الإبتكارية، بالإضافة إلى ذلك كيف يمكن تمييز الفرق بين الانفعال العميق والانفعال السطحي أو التحت عقلي كما يسميه هـ- برجسون ؟ هذه التساؤلات لا نجد لها جوابا عند هـ برجسون وإنما بعض المعلومات كتعبير لا يعدو أن يكون كل وصف لعمليات إستبطانية كان يجريها على نفسه.

    «... إذ ليس المهم في العلوم مجرد ذكر قضايا وأحكام تتصل بموضوع دراستها بل المهم هو إمكان التحقق من صدق هذه القضايا أو بطلانها بالأساليب العلمية» (16)

    بمعنى أوضح أننا نستطيع صياغة فروض كثيرة ولكنها تبقى مجرد فروض يعوزها التحقيق والاختبار التجريبي.

    يرى "جرهام والاس"(1980) و«أ.ر.هاريس»(1980) أن العملية الابتكارية تخضع لمجموعة من المراحل المتتابعة منطقيا وهي:
    1- مرحلة الأعداد
    2- مرحلة الكمون
    3- مرحلة الإشراف
    4- مرحلة تحقيق الحل.

    والمشكلة التي يعانيها هذا التقسيم - سواء كان تقسيم "ج. والاس" أو ذلك الذي قال به "أ.ر.هاريس" هي الكيفية التي ينتقل بها المبتكر من مرحلة لأخرى بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التقسيم لا يخبرنا عن القدرات العقلية التي يستخدمها المبتكر أثناء انتقاله من مرحلة الأعداد إلى مرحلة تخيل الحل ثم هل أن الابتكار عملية نفسية أم قدرات عقلية؟

    إن هذا التقسيم لا يوحي بفروض خصبة قابلة للاختبار التجريبي وإنما هو مجرد تصور مفتعل لا يرقى إلى درجة النظرية ذات النسق الفكري والرابط المنطقية من أجل ذلك ينبغي النظر إلى الابتكار كفعل واحد يقوم به الإنسان بكل إمكاناته الجسمية والعقلية والانفعالية.

    تعتبر الأبحاث العاملية ذات قيمة معتبرة في هذا المجال حيث قدمت تفسيرات ترقى إلى الأحكام العلمية القابلة للاختبار التجريبي نذكر على سبيل المثال جهود ش.سبيرمان في قانونه الثالث المعروف بقانون «إدراك المتعلقات» وهو قانون يمكن إخضاعه للتحقيق التجريبي والدراسات العاملية إضافة إلى جهود "ش.سبيرمان" نجد أبحاث "ج.ب.جيلفورد" العاملية التي أثرت ميدان الابتكار حيث أعتبر الابتكار قدرات عقلية من الدرجة الأولى، وقد حدد مجموعة من القدرات التي تسهم فعلا في القدرة على التفكير الابتكاري، وأوضح أن القدرات الإبتكارية منتشرة عن الناس جميعا والفرق يكون في الدرجة فقط لا غير، بمعنى أن كل الناس لديهم قدرا معينا من القدرات الإبتكارية حيث أن هذه القدرات فطرية ونامية.

    لقد أثارات هذه النظرية مناقشة حول مفهوم الذكاء والابتكار وحول التفكير التباعدي والتفكير التقاربي ومشكلة قياس الذكاء...الخ.

    الهـــوامـش:(1) - محمود البسيوني: العملية الإبتكارية دار المعارف بمصر القاهرة 1964 ص62.
    (2) - كاظم كريم رضا: علاقة قدرات التفكير الإبتكاري بالتحصيل الدراسي - رسالة ماجستير غير منشورة - جامعة بغداد العراق 1982 ص73-74.
    (3) - عبد الحليم محمود السيد/ الإبداع و الشخصية دراسة سيكولجية دار المعارف بمصر القاهرة 1971 ص97.
    (4) - لمزيد من التوضيح أنظر:
    M.L. Rouquette: la créativité P.U.F. Paris PP17-18.
    (5) - عبد الحليم محمود السيد/ الإبداع والشخصية - دراسة سيكولوجية دار المعارف بمصر- القاهرة 1971 ص98.
    (6) - عبد الحليم عمود السيد/ نفس المرجع السابق ص 98-99.
    (7) - محمود البسيوني: العملية الإبتكارية: دار المعارف المصر القاهرة 1964 ص67.
    (Cool - حلمي المليجي: علم النفس المعاصر: دار النهضة العربية - بيروت- لبنان 1972 ص218.
    (9) - محمود البسيوني: العملية الإبتكارية: دار المعارف بمصر - القاهرة 1964 ص73.
    (10) - لمزيد من التوضيح أنظر: حلمي المليجي: علم النفس المعاصر دار النهضة العربية - بيروت لبنان 1972 ص219.
    (11) - أنظر: R.A. HARRIS: Créativity in marketing Hastings House New-York 1959.
    (12) - M.L. Rouquette: La créativité PUF Paris P18.
    (13) - حلمي المليجي: علم النفس المعاصر دار النهضة العربية لبنان 1974 ص 220-221.
    (14) - عبد الحليم محمود السيد/ الإبداع و الشخصية - دراسة سيكولوجية- دار المعارف بمصر - لقاهرة 1971 ص100
    (15) - عبد السلام عبد الغفار: التفوق العقلي والابتكار دار النهضة العربية القاهرة 1977 ص203
    (16) - عبد الحليم محمود السيد / الأسرة وإبداع الأبناء دار المعارف بمصر - القاهرة 1980 ص28


    المصدر :
    د. الطاهر سعد الله

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 1:14 pm